يتناول هيرمان باري في هذا المقال مسألة السيميوطيقا المدمجة، فيعرض للسيميوطيقا عند بورس ودو سوسير ويامسليف من منظور إبستيمولوجي أولًا طارحًا السؤال عن سياقها الثقافي والنظري. وهو يقف عند الأصول النفسية التي ميزت تحديدات دو سوسير للسيميولوجيا وللجهاز المفاهيمي الذي شكل أدواتها، مثل العلامة، أو الأصول السوسيولوجية من خلال تحديدها مفهوم اللسان، مقارنًا إياها بالأصول التي اعتمدتها السيميوطيقا عند بورس، وهي أصول منطقية. كما أنه يقف عند التمفصلات الأساسية لمفاهيم كلٍّ من سيميوطيقا دو سوسير وبورس، محللًا الاتجاه الاثنيني (دو سوسير) والثلاثي (بورس) في البناء، ليتساءل في سياق تحليله عن موقع السيميوطيقا في الفلسفات التي ميزت الفكر البشري: الأنطولوجيا والإبستيمولوجيا والسيميوطيقا. وإذا كان الفكر قد عرف أولوية إشكالية الكينونة والوجود وإشكالية المعرفة والإبستيمولوجيا بعد ذلك، فإن الوظيفة التدليلية ستصبح شرط كل معرفة. لذلك، فإن براديغم السيميوطيقا الذي ينهض بهذه الوظيفة يمكن اعتباره فلسفة أولى في الفكر المعاصر، لأن السيميوزيس، بصفته موضوعًا للسيميوطيقا، يسائل العناصر المثلث الثلاثة: العالم والذات والعلامة، وهذا ما يمكن أن تحققه السيميوطيقا المدمجة التي توجد على شكل مشروع براديغمي، ولكنه سيكون قادرًا على نسج وشائج بين العالم والخطاب ومجموعة الإنتاج.