اعترى التخطيطَ الدستوري الديمقراطي تغير كبير على مدى نصف القرن المنصرم. فقد اكتفت البلدان المستقلة حديثًا، بعد الحرب العالمية الثانية، بنسخ القواعد الدستورية الأساسية الموجودة لدى سادتها المستعمرين السابقين، من دون أن تمعن النظر جديًا في البدائل. أمّا اليوم، فيختار كتّاب الدساتير بمزيد من التروّي بين مجموعة واسعة من النماذج الدستورية ذات المساوئ والحسنات المتنوعة. وفي حين يبدو هذا التطور للوهلة الأولى تطوّرًا مفيدًا ونعمة، إلا أنه فعليًا نعمة مشوَّشة، ذلك أن اضطرار كتّاب الدساتير في هذه الحالة إلى التعامل مع بدائل تفوق في كثرتها ما يستطيعون تدبّره بيسر، يجعلهم يخاطرون باتخاذ قرارات سيئة المشورة. وما أراه، هو أنه يمكن للخبراء الأكاديميين أن يكونوا أكثر عونًا لكتّاب الدساتير من خلال صوغ نصائح وإرشادات محددة بدلاً من إغراق صنّاع القرار بوابل من الممكنات والخيارات.