يسعى هذا البحث إلى إبراز المساهمة اللماحة التي نهض بها جرجي زيدان مستفيدًا من هامش الحرية الذي تمتعت به القاهرة في إرساء المؤسّسة الأدبية الحديثة، واعتمادًا على تجربة كتابية ثرّة ومتنوعة ارتبطت ارتباطًا عميقًا بسؤال النهضة وانشغالاتها، وتجلى مفعولها في حقل الكتابة التاريخية وكذلك في كتابة الرّواية والتنظير لها. ويرى الباحث أن مفهوم المؤسّسة الأدبية عند جاك ديبوا يدلّ على مجموع المحدّدات التي تسمح للأدب بأن يتحقق ككتابة، والمؤسسة هذه تشتغل كما تشتغل كل مؤسّسة، ومن ركائزها الكاتب والقارئ والصحافة الأدبية ودور النشر ومؤسسات التوزيع ووسائل الإعلام، وغيرها من المحافل التي تتدخل في عملية إنتاج الأدب وكذلك في إضفاء المشروعية. إن هذا المفهوم يمثّل أداة ملائمة لتفسير الحضور الذي تمتع به جرجي زيدان، وكذلك الشروط التي جعلت عمله قابلًا للانتشار والتداول في حقبة مفصلية من حقب تحوّل الثقافة العربية.