براغماتية ريتشارد رورتي السياسية: بين اليوتوبيا الليبرالية والمنحى الساخري

​تهدف الدراسة إلى رصد مظاهر توطيد البراغماتية الجديدة لصلتها بالفكر السياسي من خلال تتبع مسار الفيلسوف ريتشارد رورتي في مطابقة منحاه الفلسفي مع الليبرالية الديمقراطية، عبر تأكيده الأولويات التالية: الديمقراطية على الفلسفة، والأمل على المعرفة، والتضامن على الموضوعية. وذلك انطلاقًا من النظر إلى الممارسة السياسية الأميركية كتجربة في الزمن والتاريخ، بعيدًا عن كل محاولة لتأصيلها نظريًا. وتسعى الدراسة للإجابة عن سؤالين: هل أحدثت أطروحات رورتي النقدية آثارًا في النظريات السياسية الأخرى؟ وهل نعثر لدى رورتي على ضرب من الأثر البراغماتي للفكر في الواقع مثلما كان الأمر لدى جون ديوي؟ والرأي الذي سندافع عنه هو أنه من الصعب في كثير من الأحيان، تقريب مواقف رورتي من آراء أستاذه جون ديوي. إذًا، يجدر فصل آرائه عن آراء أسلافه ومن بينهم ديوي ومجايلوه من البراغماتيين، والإقرار بالتباعد بين هذه الآراء والواقع الأميركي وحقائقه السياسية، تمامًا مثلما يكون من المتعذر تفهم موقف رورتي الموزع بين التمسك بقيم الليبرالية من حرية وهوية أخلاقية واعتزاز بالماضي من ناحية، والدعوة من ناحية أخرى إلى العدالة الاجتماعية والتضامن والتقدم، التي هي قيم قمينة بنزعة تقدمية. إن هذا المشروع الفلسفي السياسي الذي يدرجه رورتي ضمن البحث عن يوتوبيا يسميها "ليبرالية برجوازية ما بعد حداثية"، يكون بطلها المثقف الساخري، وغايتها الأسمى تقليص الألم والقسوة، والتوجه صوب ثقافةٍ ما بعدَ فلسفية، تغلب عليها الجمالية والشاعرية، وهو ما سنعمل على عرض أهم ملامحه. 

حمّل المادة حمّل العدد كاملا الإشتراك لمدة سنة

ملخص

زيادة حجم الخط

​تهدف الدراسة إلى رصد مظاهر توطيد البراغماتية الجديدة لصلتها بالفكر السياسي من خلال تتبع مسار الفيلسوف ريتشارد رورتي في مطابقة منحاه الفلسفي مع الليبرالية الديمقراطية، عبر تأكيده الأولويات التالية: الديمقراطية على الفلسفة، والأمل على المعرفة، والتضامن على الموضوعية. وذلك انطلاقًا من النظر إلى الممارسة السياسية الأميركية كتجربة في الزمن والتاريخ، بعيدًا عن كل محاولة لتأصيلها نظريًا. وتسعى الدراسة للإجابة عن سؤالين: هل أحدثت أطروحات رورتي النقدية آثارًا في النظريات السياسية الأخرى؟ وهل نعثر لدى رورتي على ضرب من الأثر البراغماتي للفكر في الواقع مثلما كان الأمر لدى جون ديوي؟ والرأي الذي سندافع عنه هو أنه من الصعب في كثير من الأحيان، تقريب مواقف رورتي من آراء أستاذه جون ديوي. إذًا، يجدر فصل آرائه عن آراء أسلافه ومن بينهم ديوي ومجايلوه من البراغماتيين، والإقرار بالتباعد بين هذه الآراء والواقع الأميركي وحقائقه السياسية، تمامًا مثلما يكون من المتعذر تفهم موقف رورتي الموزع بين التمسك بقيم الليبرالية من حرية وهوية أخلاقية واعتزاز بالماضي من ناحية، والدعوة من ناحية أخرى إلى العدالة الاجتماعية والتضامن والتقدم، التي هي قيم قمينة بنزعة تقدمية. إن هذا المشروع الفلسفي السياسي الذي يدرجه رورتي ضمن البحث عن يوتوبيا يسميها "ليبرالية برجوازية ما بعد حداثية"، يكون بطلها المثقف الساخري، وغايتها الأسمى تقليص الألم والقسوة، والتوجه صوب ثقافةٍ ما بعدَ فلسفية، تغلب عليها الجمالية والشاعرية، وهو ما سنعمل على عرض أهم ملامحه. 

المراجع