على امتداد العقود السبعة الأخيرة، نعيش، نحن الفلسطينيين، في حيِّز دائم التقلص، حيث نخسر مشهدنا وأرضنا بلا توقف لمصلحة الاحتلال الإسرائيلي. نعيش في حيّز غير مستقر، وأمكنتنا ليست عينية تمامًا، ولا صلبةً، مهما وضعنا فيها من إسمنت وحديد. دروبنا غير يقينية، وغير آمنة، وخطرة. لا يمكننا، أبدًا، أن نكون واثقين بالوصول إلى وجهتنا. وإن وصلنا فلا يمكننا التيقن، أبدًا، من إمكانية العودة إلى حيث كنا. استنادًا إلى مفاهيم نظرية طوَّرها كل من هنري برغسون Henri Bergson 1895-1941، وجيل دولوز Gilles Deleuze 1925-1995، وإدوارد سعيد Edward Said 1935-2003)، تفحص هذه الدراسة الكيفية التي استطاع الفلسطينيون من خلالها التصدّي لفقدان حيّزهم الفيزيائي الفعلي، عبر اللجوء إلى الإعلام وإلى تقنيات حديثة، على نحو يمكِّنهم من امتلاك إحساس بمعرفة وجهتهم في العالم، وذلك بغية تدشين هويات فردية وجمعية.