نروم في هذه المقالة إلى تبين أهمية قراءة هشام جعيط للوحي، إذ نزعم أنه قدم انفتاحات جديدة بصدده، تتعلق أساسا بتجاوز رؤى "الفقه التقليدي" حوله من ناحية، ومراجعة حسابات المستشرقين بشأنه من ناحية ثانية. وفي محاولته هذه، نلفي جعيط، متوغلا في أرض "المقدس"، متأنيا في صياغة مقدماته، ومترددا في إعلان استنتاجاته، وبالأخص لما يتناول الصلة بين القرآن والسيرة، في نظراتهما إلى مفاهيم القرآن والنبوة والرؤيا والتجلي والإعجاز، وما ينجم عن ذلك من تمزق للذات جراء التداخل بين التاريخي والأسطوري وبين المحايث والمتعالي. وما ذلك بمستغرب لطبيعة الموضوع المبحوث فيه أولا، ولأثره على "النفسية الإيمانية" ثانيا، ولما يترتب عن ذلك من اختيارات مجتمعية ثالثا، فالتفكير في بعض "البداهات الدينية"، يمكن أن يشكل مدخلا من مداخل الحداثة والتنوير، خاصة من حيث الجرأة على معاودة النظر في احتكار "الفقه التقليدي" لحقائق الدين والإيمان. لن نقصر بحثنا على التحليل والإشادة بفهم جعيط للوحي، لكننا سنسعى إلى الوقوف على حدوده كذلك، من خلال محاورته بخصوص بعض مقدماته البحثية، وما ترتب عنها من خلاصات، بدا لنا فيها بعض الانزياح عن طريق جعيط نحو التاريخ والعقل والتنوير. ونحن في ذلك ما نأتي بجديد غير مواجهة القول بالقول والخلاصات بالمقدمات انطلاقا من كتابات الكاتب نفسه.