يظهر الشر للناس فوضويا ومفاجئا ومهددا لخيراتهم، وتشكل طريقة اشتغاله لغزا محيرا بالنسبة إليهم، ما يخلق تضاربا في تفسيراتهم، بين من يلقي باللائمة كلية على الإرادة الإنسانية معتقدا بأن الأمر يتعلق بمشكل أخلاقي لا دخل فيه لا للدين ولا للعلم، وبين من يتهم الطبيعة والظروف والأحوال ظنا منه أن التفسير الفيزيائي يلغي التفسير الميتافيزيقي، وبين من يفوض الأمر بالكامل للإرادة الإلهية ويعفي نفسه من عناء البحث عن قوانين اشتغال الشر في الطبيعة والإنسان. ويشكل هذا البحث فرصة لأن نتساءل مع ابن سينا عن دلالة الشر، والحكمة من وجوده، ونصيب كل من العلم والأخلاق والدين والفلسفة في تفسيره.