تروم هذه الورقة مناقشة الرأي الذي يقول بالاتصال
والاستمرارية بين النظريات الأخلاقية القديمة والنظريات الأخلاقية الحديثة. مقابل
هذا الرأي الشائع ستدافع الورقة على أطروحة الانقطاع بين الفلسفات الأخلاقية
القديمة والحديثة حول أمرين نراهما أساسيين: أوّلا، أن الأخلاق الحديثة تقوم على
قواعد سلوك يتحدّد من خلالها مدى أخلاقية الفعل على خلاف أخلاق القدامى التي تبحث
في الفضيلة وفي السعادة كغاية للفعل. وثانيا، أن الأخلاق الحديثة تعتبر الإنسان
قادرا على تمثلّ القاعدة الأخلاقية والاهتداء بفعل النور الداخلي دون توجيه خارجي
زمني كان أو لا زمني. وهذه التطوّرات هي تتويج لمسار فكري احتلّ من خلاله مفهوم
الضمير بوصفه وازع جوّاني يفترض الحرية وحقّ الفرد في السيادة على نفسه وعلى
أفعاله. مقابل هذه التطوّرات التي عرفتها النظريات الأخلاقية في الفكر الغربي
الحديث وأدّت إلى علمنة مجال القيم والمعايير الأخلاقية لم نرصد تطوّرات مماثلة
على صعيد الفكر الأخلاقي العربي والإسلامي أدّت إلى تجسيد فكرة سيادة الفرد على
نفسه وإقرار مبدأ حرية الضمير الأخلاقي.