يستجمع عزمي بشارة طاقة الاستخلاص والاستنتاج وتكثيف المعاني، ليسجل سمات "أنموذج نظري في فهم علمنة السياسة والدولة". على أن الأنموذج في الجهد البحثي المبذول لا يعني "اختزالًا لتطور مستقيم تصاعدي من فكر التنوير إلى الحداثة" لرسم تيار أو خطٍ ناظم يرسمه الباحث انطلاقاً مما آل إليه المفهوم في نهايته، فيتصوّره متطابقًا مع بدايته، أصلًا ومآلًا وتعريفًا، بل على العكس؛ ذلك أن الرحلة المقصودة هي رحلة مؤرخ للأفكار أخذ على عاتقه الحفر في طبقات هذه الأفكار، ليتعرّف إلى سياقات وتحولات وانقطاعات وتمايزات واختلافات، وأنماطٍ من الانفصال، وأنماطٍ من الفصل وأنماطٍ من الوحدة؛ فقد حاول عزمي بشارة طرح التمايز بين الدين ومجالات الحياة الأخرى في الفكر الديني، فضلًاعن العلم والسياسة ، كما أنه توقّف في مفاصل عدة عند انسحاب الدين التدرجي من مجالات المعرفة.