قامت فكرة مشروع فض تبعية المعرفة العربية المعاصرة على أن يأخذ المفكر على عاتقه نقد مجموعة من المؤلفات العربية التي يراها جديرة بالاهتمام، محاولًا تقويم أطروحاتها أو نقضها. وفي الخمسين سنة الماضية لقيت هذه المشاريع كثيرًا من النقاش الذي يمكن تلخيص نتائجه، رغم صعوبة ذلك، في نقطتين مهمتين تركَّز عليهما النقد الذي وُجِّه إلى تلك المشاريع: النقطة الأولى هي انطلاق المفكر في قراءته النصوص من موقف مسبق يقوم على أيديولوجيا بعينها، والثانية هي استخدام المفكر مفاهيم ومنهجيات وأطر نظرية طورها الفكر الغربي الحديث، من دون أن يعيد خلقها بحسب مقتضيات نظره في موضوعه. ويجب ألّا يُغيِّب هذا النقد النتائج الإيجابية التي حققتها تلك المشاريع، من ذلك أنها أنتجت جدالات مهمة بخصوص انعكاس الفكر العربي على نفسه، فبرز سؤال مهم يخص علاقة النص باللحظة التي يُقرأ فيها، متّخذًا صيغتين ارتبطتا بعضهما ببعض هما: "التراث والتجديد" و "الأصالة والمعاصرة".