وُلد التفكير الفلسفي، من دون شك، كتأمل حول البداية، حول العلّة كما يعلمنا الفلاسفة السابقون على سقراط، غير أن هذا التأمل كان كذلك مشفوعًا بيقين أن الأشياء، في ما خلا بدايتها، لا بد أن يكون لها نهاية أيضًا. من جهة أخرى، نعلم أن المثال الشائع للقياس المنطقي، أو بكلام آخر للمحاكمة التي لا تقبل الجدل، هو: «كل إنسان فان، سقراط إنسان، إذن سقراط فان ». أن يكون سقراط فانيًا، تلك نتيجة لاستدلال، أما أن يكون البشر كذلك فتلك مقدمة لا تُدحض. كثير من الحقائق الراسخة ) دوران الشمس حول الأرض أو التكاثر التلقائي أو وجود الحجر الفلسفي( كانت، وفي مجرى التاريخ، قد وضِعت موضع الشك. أما تلك التي تقول إن البشر كائنات فانية، فأبدًا؛ كلّ ما في الأمر أن هناك من يؤمن أيضًا بأن واحدًا كان قد بعث مرة أخرى: حسنًا، ومع ذلك، ولكي يكون هذا البعث ممكنًا، كان من الواجب عليه أن يموت أولًا.