يقدّم لنا الفيلسوف الإيطالي سيرجيو كوتا في هذه الدراسة دفاعًا عقلانيًا بارعًا عن ضرورة "القانون الطبيعي"، ونقدًا مفصلًا لرؤية مذهب "الوضعية القانونية" ذات الطابع الاختزالي، والتي ترى أن القانون الطبيعي عديم الجدوى. يبدأ كوتا، في المبحث الأول، معالجته بالإشارة إلى مشروعية الوظيفة التي يقوم بها القانون الطبيعي بوصفه "قاعدة معيارية" للقانون الوضعي، متجاوزًا بذلك "المغالطة الطبيعية" التي يقع فيها دعاة القانون الوضعي. وفي المبحثين الثاني والثالث يقارن بين نظريتي القانون الطبيعي والقانون الوضعي من أجل توضيح التوافق بين القانونين باعتبارهما "نوعين" ينتميان إلى جنس "القانون"، يشتركان في بنية المعايير المنطقية، ويختلفان في مصدر الإلزام. وفي المبحث الرابع، يلفت الانتباه إلى المأزق الذي تقع فيه نظرية القانون الوضعي عندما تبني فكرتها عن حقوق الإنسان على أسس عرضية مؤقتة، وإلى فائدة القانون الطبيعي في تجاوز هذا المأزق ببناء مشروعية هذه الحقوق على أساس من نور العقل الطبيعي. وفي المبحث الأخير يناقش سؤال: لماذا يجب أن نلتزم بمعايير القانون الوضعي؟ فيقدّم لنا الإجابة التي مؤداها أن مصدر هذا الإلزام يتجاوز حدود عالم القانون الوضعي، ويدخل في حيز مملكة القانون الطبيعي؛ فالمعيار القانوني الوضعي يصبح ملزمًا إذا كان مبررًا، وهذا التبرير يأتيه من القانون الطبيعي. هذه الفكرة البسيطة والعميقة، في آن معًا، هي الأساس الذي يراه كوتا جديرًا بنفي التعارض بين القانون الطبيعي والقانون الوضعي، وخلق الانسجام والتكامل بينهما.