يفتقر الفكر الأخلاقي العربي المعاصر إلى الاستقلالية والأفق المنتج. ويتقمص الأنموذج الغربي شكلًا ومضمونًا؛ مسلمًا به تسليمًا قبليًا عبر مقولة مُمَأْسَسَة. يقول لسان حالها إن الفكر العربي يفتقد الإجابة عن سؤاله الأخلاقي منذ قديم ولّى، إلى راهنٍ يصمت فيه قبالة أسئلة الإنسان والقيمة، خاصة في العصر العلمي التقني، حيث تتعقد الأزمة الأخلاقية وتضيق المعايير إلى حد التلاشي، ويصير هذا الفكر إلى الانسداد والتمركز في هوية متخيلة من جانبين: جانب تراثي، يكرر الماضي متشبثًا به. وجانب حداثي يقدم البديل الغربي بثقله التاريخي الموزون بمعايير العقلانية والإنسانية. في هذا السياق تغدو الهوية الأخلاقية هوية موهومة ومتخيلة. فكان من ثم التفكير في فراغ لا تملؤه سوى الفكرة الأخلاقية الغربية. ويبدو أن حال هذا الفكر سيزداد تأزمًا وتعقيدًا إذا اعتبرنا المضمون الأنطولوجي للسياق الكرونولوجي بين التاريخ الحضاري العربي والآخر الغربي؛ إذ لا انطباق في المضمون بينهما انطلاقًا من اختلاف سياقاتهما الحضارية؛ ما أحدث قلقًا معرفيًا ووجوديًا في إطار التحقيب الغربي لتاريخ الذات. ونعني به ما قبل الحداثة والحداثة وما بعد الحداثة. ذلك أن مضامين هذه المراحل الحضارية الغربية، تتمايز تاريخًا ومضمونًا، عن سياقها الزمني الحضاري العربي الإسلامي.