كان مِل فيلسوفًا عقليًا راديكاليًا ومن كبار فلاسفة المذهب الوضعي، و لا يستطيع أحد أن ينكر مكانته كفيلسوف من فلاسفة التحرر في القرن التاسع عشر، وإذا كان بعض الشراح يذهبون إلى أن آراءه لم تعد الآن ملحة كما كانت في الماضي، مع الإشارة إلى أنه لا يمكن الحكم على أفكاره اليوم لأنها تتسم بنوع من الرجعية، خاصة أن مِل عاش ضمن فضاءات ثقافية وفكرية اعتمدت في دراسة التاريخ من مقترب نظريات الأعراق والسلالات البدائية، و انزلقت البحوث التاريخية نحو عنصرية مركزية تنظر إلى الآخر من موقع الأعلى إلى الأدنى وتربط الحضارات بنوعية الأعراق وتقرأ للاختلاف من زاوية طبيعة السلالة ولونها ودرجة تطورها، إذ لم يوفق في حصر مبدأ الديمقراطية في شعوب أوروبا الشمالية وأميركا. إلا أن أفكاره تبقى ضرورية في فهم تطور الأفكار السياسية حول النظم الديمقراطية ومسألة الحرية الفردية.