تستهدف هذه الدراسة تسليط بصيص من الضوء على ثلاث نظريات أخلاقية تنتمي إلى بيئات ثقافية مختلفة، وتَحْكمها منظومات فكرية متباينة، يتعلق الأمر بنظريات كل من هيلاري بتنام ويورغن هابرماس وطه عبد الرحمان، وهي نماذج أو مقاربات تعترف جميعها بحاجة المجتمع المعاصر الملحّة إلى "تهذيب أخلاقي" جديد، وبحاجته إلى أخلاق مشتركة تُقيم توازنا متعقلا بين مطلب الكونية وبين الاعتراف بالحدود السياقية التي تؤثر فيه. ولئن اختلفت حول السبيل الذي يقود إلى تحقيق هذا المبتغى، فإن روادها لم يَفُتْهم أن ساكنة المعمورة جميعهم يشكلون جزءا من الإنسانية وأن خصوصيتهم الأخلاقية وإن اختلفت عن خصوصية غيرهم إلا أنها ليست خصوصيات جامدة بل وقائع متحركة يمكنها، إذا ما حضرت الإرادة، أن تلتقي في بوثقة واحدة تجسد مشتركا كونيا يتعالى على هذه الخصوصيات دون أن يلغيها.