إنّ أفضل تفسير يمكن تقديمه عن موقف ابن رشد من التصوف والمتصوّف، هو موقف الأخير منه. ما دام موقف المتصوف يستبطن موقفًا رشديًا من التصوف، ربما يكون في الحقيقة ردة فعل على موقف الأول من الثاني، بخاصة أمام التّغاض الرشدي الماكر والمقصود عن الحديث عن التصوف، من هنا يسعفنا الوقوف عند اللقاءات التي قصد ابن عربي تدوينها بطريقة أشد مكرًا، ووقوفنا من ثمة عند لقاء تشييع جثمان ابن رشد، بما تمثّله لحظة الموت من بوح واعتراف صادق من الأحياء في حق من مات، لنحاول الكشف عن إيحاءات هذا اللقاء وتلميحاته التي يندس فيها موقف المتصوف من أبي الوليد.