لا تهدف هذه الدراسة إلى البحث في موضوع الاستشراق وإن على نحو نقدي، نظرًا إلى أن الموضوع هذا استُهلك على مدار القرن الماضي انطلاقًا من الزاوية النقدية، سواء من جانب مستشرقين وجدوا في تسمية الحقل واستخداماته مدعاة للنقد، أو من جانب مفكرين عرب، بصرف النظر عن خلفياتهم المنهجية والأيديولوجية، علاوة على ما يُعرف بالردود السجالية على الاستشراق التي حفلت بها كتب الدارسين. ولكن الهدف من هذه الدراسة هو تسليط الضوء على تحول مهم سيعرفه الحقل بعد الحرب العالمية الثانية، وللأسف لم يفرد له حتى الباحثون الكبار الذين ساهموا بشكل كبير في نقد الاستشراق سوى بضعة أسطر أو بضع فقرات في أحسن الأحوال من مؤلفاتهم الضخمة. لذلك تزعم هذه الدراسة أنها تطرق إشكالً جديدًا وتدقق فيه على نحو يربط بين المستويات التي لا تجد ربطًا في مؤلفات محترمة ومؤسسة وضخمة لكن لا يطعن فيها مطلقًا أن أصحابها قاربوا الموضوع من زوايا محكومة بتكويناتهم المفعمة غالبًا بالميل الفلسفي أو الأدبي.