حاول بِنِدِكت أندِرْسن، في كتابه الجماعات المتخيَّلة، أن يلقي الضوء على طبيعة هذا التغيير بمقارنته بما نواجهه من مصاعب حين يرينا أحد صورًا التُقطت لنا ونحن لا نزال رضّعًا. هذه المصاعب ما كانت لتحدث لولا الذاكرة الصناعية، متّخذةً هيئة صور فوتوغرافية. يؤكّد آباؤنا أن هؤلاء الأطفال هم نحن، أمّا نحن أنفسنا فلا نتذكّر أننا تصورنا، ولا نستطيع أن نتخيّل ما كنّا عليه في السنة الأولى من أعمارنا، وما كنّا لنعرف أنفسنا من دون مساعدة آبائنا. وما يجري في الواقع هو إنه على الرغم من وجود عدد لا يحصى من آثار الماضي التي تحيط بنا معالم أثرية، معابد، سجلات مكتوبة، أضرحة،منتجات يدوية، وهلم جرًا- فإن هذا الماضي صعب الوصول إليه ويغدو خارجيًا على نحو متزايد بالنسبة إلينا. وفي الوقت ذاته، ثمة أسباب كثيرة تدفعنا إلى أن نشعر بأننا في حاجة إلى هذا الماضي، ولو كنوع من المرساة فحسب.