تعود الدولة المصرية الحديثة، وما ارتبط بها من مفاهيم ومؤسسات ونُظُم إدارية حديثة، إلى عصر محمد علي. ففي تلك الفترة أُعيد صوغ الدولة المصرية العتيقة وتحديث مكوناتها وقواعد إدارتها طبقًا لمفاهيم الدولة الحديثة، ودخلت فكرة الدستور عالم القانون المصري. وما تتناوله هذه الورقة –بعد إلقاء نظرة عامة على تطور النصوص الدستورية في مصر في إطار تشكّل مؤسسات الدولة الحديثة- هو سبر الاتجاهات العامة التي يمكن أن يتّخذها تطور الجدل والصراع السياسيين-الدستوريين في أعقاب ثورة كانون الثاني/يناير 2011 ، حول علاقة الدولة بالدين، ومكانة الشريعة الإسلامية كمصدر للقوانين، وأثر ذلك في الحريات والحقوق الشخصية والأسرة ووضع المرأة والتربية والأخلاق، وما يُعتبَر دينًا مسموحًا بممارسة شعائره،و تنظيم المؤسسات المرتبطة بالدّين...إلخ. ويبقى لافتًا ومثيرًا لمزيد من النقاش ما تنتهي إليه الورقة من أن المشكلة في مصر ليست في علاقة الدولة الحديثة بالدِّين، ولا في الدور الذي يمحضه النظام الدستوري المصري للدِّين، بل هي في الأزمات الاجتماعية والدولة المستبدة.