الصحافة والحداثة والتمدّن الجديد العرب والغرب في القرن التاسع عشر

من المتفق عليه أن البداية الفعلية لظهور الصحافة العربية وتطورها كانت بعد الاحتكاك العربي – الغربي، وبالتحديد الاحتكاك العربي – الفرنسي. كما اتفق الباحثون والمؤرخون على أن تلك الصحافة كانت من مظاهر ما سمّوه "التمدّن الجديد"، وذلك السبب الذي ساعد على قيام النهضة العربية الحديثة. لكن هل كانت تلك البداية ثمرة غزو استعماريٍّ محض وهجوم ثقافي صريح من دون أن يكون للعرب فيها كل الرضا والتسليم لذلك التفاعل الحضاري ورغبة على الانفتاح على العالم الغربي؟ وهل كانت بداية ذلك التمدن الجديد فقط بإرادة خارجية قسرية، أم أنها كانت نتيحة رغبة محلية في التحديث وكانت في طريقها إلى النضج؟ ربما تختلف التأويلات والتفسيرات وتتباين معها التحليلات والتوجهات في علاقة الغرب بالعرب، خصوصًا بعد غزو نابليون مصر. ولعلنا نجد هذا جليًا في كثير من كتابات الكتّاب العرب التي كان واحدًا من أكثرها تأثيرًا كتاب الاستشراق، لإدوارد سعيد. نطمح من خلال هذا السرد إعطاء القارئ نظرة تاريخية تحليلية مغايرة لتلك الصورة النمطية الغربية التي تشكّلت في أذهان أهل الشرق، ولا سيما بعد رؤيتهم الانبهارية للتقدّم والتطور الغربي، والنظر إلى الحداثة الغربية بنظرة مختلفة، من خلال التمييز بين نوعي تلك الحداثة، وعدم وضع الجميع في مركب واحد، وتقصّي الدور الجوهري لرواد الحداثة الذين كانوا من أشد المتحمسين للتشارك مع الأفكار الغربية، فاستقبلوها بأذرع مفتوحة على الرغم من الأجندة الاستعمارية. توجّهت أقلام المثقف العربي التنويري لخوض حملة من أجل الوصول إلى التقدّم العلمي والتحضر الحديث. تركز هذه الدراسة على الدور الذي أدته الصحافة العربية، في التحولات الحداثية في القرن التاسع عشر نتيجة للتفاعلات العربية والأوروبية، ودورها في تعزيز الفكر الغربي في "التمدن الجديد" في العالم العربي وسط تلك الإمكانات المحدودة لمجتمعاتهم في الأفق والرؤية، والنظر إلى الصحافة من زاوية "التمدّن الجديد".

حمّل المادة حمّل العدد كاملا الإشتراك لمدة سنة

ملخص

زيادة حجم الخط

من المتفق عليه أن البداية الفعلية لظهور الصحافة العربية وتطورها كانت بعد الاحتكاك العربي – الغربي، وبالتحديد الاحتكاك العربي – الفرنسي. كما اتفق الباحثون والمؤرخون على أن تلك الصحافة كانت من مظاهر ما سمّوه "التمدّن الجديد"، وذلك السبب الذي ساعد على قيام النهضة العربية الحديثة. لكن هل كانت تلك البداية ثمرة غزو استعماريٍّ محض وهجوم ثقافي صريح من دون أن يكون للعرب فيها كل الرضا والتسليم لذلك التفاعل الحضاري ورغبة على الانفتاح على العالم الغربي؟ وهل كانت بداية ذلك التمدن الجديد فقط بإرادة خارجية قسرية، أم أنها كانت نتيحة رغبة محلية في التحديث وكانت في طريقها إلى النضج؟ ربما تختلف التأويلات والتفسيرات وتتباين معها التحليلات والتوجهات في علاقة الغرب بالعرب، خصوصًا بعد غزو نابليون مصر. ولعلنا نجد هذا جليًا في كثير من كتابات الكتّاب العرب التي كان واحدًا من أكثرها تأثيرًا كتاب الاستشراق، لإدوارد سعيد. نطمح من خلال هذا السرد إعطاء القارئ نظرة تاريخية تحليلية مغايرة لتلك الصورة النمطية الغربية التي تشكّلت في أذهان أهل الشرق، ولا سيما بعد رؤيتهم الانبهارية للتقدّم والتطور الغربي، والنظر إلى الحداثة الغربية بنظرة مختلفة، من خلال التمييز بين نوعي تلك الحداثة، وعدم وضع الجميع في مركب واحد، وتقصّي الدور الجوهري لرواد الحداثة الذين كانوا من أشد المتحمسين للتشارك مع الأفكار الغربية، فاستقبلوها بأذرع مفتوحة على الرغم من الأجندة الاستعمارية. توجّهت أقلام المثقف العربي التنويري لخوض حملة من أجل الوصول إلى التقدّم العلمي والتحضر الحديث. تركز هذه الدراسة على الدور الذي أدته الصحافة العربية، في التحولات الحداثية في القرن التاسع عشر نتيجة للتفاعلات العربية والأوروبية، ودورها في تعزيز الفكر الغربي في "التمدن الجديد" في العالم العربي وسط تلك الإمكانات المحدودة لمجتمعاتهم في الأفق والرؤية، والنظر إلى الصحافة من زاوية "التمدّن الجديد".

المراجع