يَعتبر عزمي بشارة هذا المؤلَّف مقدمة لمشروع شغل فكره منذ زمن طويل، بدأه بدراسة الديمقراطية وأنماط التدين، لينتهي به البحث إلى نتيجة اعتبرها مهمة. وقد توصَّل في بحثه الأوَّلي إلى أن دراسة أنماط التدين في المجتمعات العربية الحالية غير ممكنة من دون دراسة السياقات التاريخية. كما توصَّل إلى نتيجة مفادها أن الفرق بين أنماط التدين في دول ومجتمعات معينة يتحدد، وبنسبة عالية، بأنماط العلمنة التي تمَّت والتي يتعرض لها المجتمع، كما أن أنماط العلمنة يتحدد فعلها بدرجات التدين وأنواعه ومدى هيمنة الثقافة الدينية في مجتمع من المجتمعات. لذلك كان واجبًا على بشارة – كما يؤكد – أن يدرس أولًا الدين والتدين وما يميزهما من ظواهر اجتماعية، من أجل فهم العلمانية والعلمنة بشكل أدق. وهذا الكتاب هو الجزء الذي يدرس الظاهرة الدينية وما يميزها من ظواهر مترابطة لكي يكون توطئة للجزء الثاني من هذا المشروع الذي سوف يتناول العلمانية والعلمنة، وبذلك يكتمل المشروع لاحقًا باستكمال محدداته المنهجية ونتائجه المعرفية.