يكاد أي مثقف عربي لا يتحدث عن فكر ابن خلدون اليوم إلا بمدح عقله النيّر والمتفتح والسبّاق إلى عقل الحداثة الغربية المعاصرة. ومن ثم، يسارع كثيرون من العلمانيين العرب إلى القول في الصحف والمجلات والكتب والمنابر التلفزيونية والإذاعية بأن موقف صاحب المقدمة سيكون سلبيًا تجاه التيارات الإسلامية والإسلام السياسي الذي يقود الحكم بعد هبوب رياح الربيع العربي في كثير من المجتمعات العربية. وهو استنتاج جاء حصيلة جهل بالمنظومة الكاملة (تراث الجمع بين العقل والنقل) لفكر مؤلِّف كتاب العبر الذي يدعو بصوت عال في الجزء الأول منه (المقدمة) إلى ضرورة محافظة المسلمين على حصانتهم في مربط فرس الثقافة الإسلامية، وبالتالي كسب رهان المناعة الثقافية والفكرية الأصيلة .