مفهوم السياسات الحيوية بين ميشيل فوكو وجورجيو أغامبين

​يُشير مفهوم "السلطة الحيوية" لدى ميشيل فوكو إلى الممارسات المختلفة التي من خلالها لا يجري تنظيم سلوكيات الأفراد فحسب، بل إن تنظم الحياة نفسها بكل أبعادها تكون أيضًا خاضعة لممارسة السلطة/ السكان على وجه التحديد. ستُؤخَذ السلطة الحيوية في القرن التاسع عشر وتُشكَّل من أشكال السياسة التشريحية للجسم، والسياسة الحيوية للسكان، وقد أصبحت السمة المميزة لعلاقات القوة التي ينبني عليها عالمنا اليوم. ففي حين تتجه سياسة التشريح نحو الجسد كآلة - من حيث تأديبه وتحسين قدراته وتكامله في أنظمة ضوابط فعالة واقتصادية - فإن السياسة الحيوية للسكان، على النقيض من ذلك، تركز على الجسد المشبع بآليات الحياة، والذي يعتبر أساس العمليات البيولوجية المتمثّلة بالولادة، والوفيات، ومستوى الصحة ومتوسط العمر. من جهة أخرى، لئن لم تفقد السياسات الحيوية عند جورجيو أغامبين جوهرها الأساسي الذي يقوم على التوجه إلى الحياة كقصد لها، فإنّ الهدف لم يكن تحسين الحياة – كما هو الشأن عند فوكو - بل نفيها وتهميشها وإعادة إنتاجها لتتحول من الحياة كنموذج جماعي وبيولوجي وقانوني وسياسي إلى "الحياة العارية"، أي المجردة من أهليتها القانونية والسياسية والاجتماعية، بحيث يسهل إخضاعها لإمكانية الموت والإبعاد والحظر، وذلك من خلال "حالة الاستثناء" التي تُعد نموذجًا لأنْ يشرّع القانون تعليق القانون نفسه. وفي هذه الحالة، يصبح الأفراد في الدولة نموذجًا لما يسمّيه أغامبين "الإنسان المستباح".

حمّل المادة حمّل العدد كاملا الإشتراك لمدة سنة

ملخص

زيادة حجم الخط

​يُشير مفهوم "السلطة الحيوية" لدى ميشيل فوكو إلى الممارسات المختلفة التي من خلالها لا يجري تنظيم سلوكيات الأفراد فحسب، بل إن تنظم الحياة نفسها بكل أبعادها تكون أيضًا خاضعة لممارسة السلطة/ السكان على وجه التحديد. ستُؤخَذ السلطة الحيوية في القرن التاسع عشر وتُشكَّل من أشكال السياسة التشريحية للجسم، والسياسة الحيوية للسكان، وقد أصبحت السمة المميزة لعلاقات القوة التي ينبني عليها عالمنا اليوم. ففي حين تتجه سياسة التشريح نحو الجسد كآلة - من حيث تأديبه وتحسين قدراته وتكامله في أنظمة ضوابط فعالة واقتصادية - فإن السياسة الحيوية للسكان، على النقيض من ذلك، تركز على الجسد المشبع بآليات الحياة، والذي يعتبر أساس العمليات البيولوجية المتمثّلة بالولادة، والوفيات، ومستوى الصحة ومتوسط العمر. من جهة أخرى، لئن لم تفقد السياسات الحيوية عند جورجيو أغامبين جوهرها الأساسي الذي يقوم على التوجه إلى الحياة كقصد لها، فإنّ الهدف لم يكن تحسين الحياة – كما هو الشأن عند فوكو - بل نفيها وتهميشها وإعادة إنتاجها لتتحول من الحياة كنموذج جماعي وبيولوجي وقانوني وسياسي إلى "الحياة العارية"، أي المجردة من أهليتها القانونية والسياسية والاجتماعية، بحيث يسهل إخضاعها لإمكانية الموت والإبعاد والحظر، وذلك من خلال "حالة الاستثناء" التي تُعد نموذجًا لأنْ يشرّع القانون تعليق القانون نفسه. وفي هذه الحالة، يصبح الأفراد في الدولة نموذجًا لما يسمّيه أغامبين "الإنسان المستباح".

المراجع