لعل من البديهي القول بوجود نوع من الاشتباك بين الريف والمدينة في أي تجلٍّ يتجليان فيه، ولعل من البديهي القول أيضًا إن الأدبيات الإنسانية التراثية والمعاصرة شهدت تدوينًا لمثل هذا النوع من الاشتباك، غير أن الذي تشير إليه هذه الدراسة يتعلق باشتباك من نوع آخر؛ اشتباك نسقي كلّي سببه دخول سلطة قهرية، مُـمَثَّلة في حزب البعث السوري الحاكم، كان لها دور كبير في خلط الأوراق، وتأجيج الصراع النسقي بين الريف والمدينة، بسبب تبنيها لأحدهما في مواجهة الآخر، فدفعت (الجارَين/ بالحيز) إلى عنف اجتماعي وسردي مضمر ومعلن. تحاول هذه الدراسة الكشف عن تجليات هذا الاشتباك بين الريف والمدينة، لا بعدِّهما جارَين في المكان، بل بعدِّهما نسقين ثقافيين يحركان السرد، ويحددان حركة الشخوص ومسارها، ولا سيما في الروايات السورية التي ظهرت بُعيد انطلاق الثورة السورية عام 2011.