إنّ كتاب «الذات في الفكر العربي الإسلامي» لمحمد المصباحي قد حقق أمرين أساسين: الأمر الأول هو قدرة فائقة للمؤلف على المواجهة بنصوص الفلاسفة والمتصوفة من مختلف المذاهب والنحل في مسألة الذات على أساس النقد والمراجعة. والأمر الثاني فهو يتعلقُ في بيان محدودية تفكيرنا في الذات، سواء كانت الذات الأنطولوجية و العمرانية أم الدلالية، فهذه السمة، أي المحدودية، هو مطلب فلسفي وتاريخي وذلك لنتكمن من الانخراط في زمن الحداثة وعالم الحرية. وهذا كلّه، برؤية فلسفية وخلفيات نظرية قوية تتوسل بأدوات ومفاهيم من قبيل: المادة والصورة و الفعل والانفعال والعقل والوجود...إلخ، تستحضر أفق استراتيجيات الدلالية المختلفة والمتنوعة(التواطؤ، التشكيك والمشترك). وعلى هذا، يكون حضور الأفقين(القدامة والحداثة) في مؤلف الدكتور المصباحي هو كمن يسلخ الشاة لبيان التمييز بين جلدها ولحمها، بين جوهرها وعرضها، بين وحدتها وكثرتها، وبين امكانها وفعلها.