تتناول هذه الدراسة موقف ابن ميمون من دلالة إخفاء "كتب النبوة" الحقيقة عن الجمهور بالتمثيل والترميز، وتنبيه أهل الحكمة كي ينهضوا للكشف عنها. ولا سبيل للخروج من هذا القلق الدلالي بين ظاهر النص الديني وباطنه، والذي عبر عنه ابن ميمون بالحيرة، إلا بإدراك باطن النص الديني عن طريق العقل. لكنه أضاف طريقا ثالثا، بالإضافة إلى طريق الفحص الدلالي لأسماء اللغة، وطريق النظر العقل في الموجودات الطبيعية، لإدراك الحقيقة الدينية والحقيقة الطبيعية، هو طريق الكشف الصوفي لتحقيق الوحدة مع مبدإ الوجود. وقد مكّنته مرونته الدلالية من الجمع بين الكوسمولوجيا الأرسطية، وعرضية الوجود الميتافيزيقية (ابن سينا)، وبين علم الكلام والتصوف.