ما هي الأيديولوجيا العلمية؟

أدخل جورج كانغيلم تعبير "الأيديولوجيا العلمية" في دروسه منذ نهاية الستينيات بعد أن أخذه عن لوي ألتوسير وميشيل فوكو. ويشير بداية إلى أن التعبير يبدو متناقضا، من باب أن الأيديولوجيا تحرف الانتباه عن الواقع وهي تزعم التعبير عنه، على العكس من العلم. ولرفع هذا التناقض، يعرّف كانغيلم "الأيديولوجيا العلمية" بأنها الخطاب الذي يسبق علمًا قيد التأسيس بالاستناد إلى علم قائم ومحاكاته في مناهجه ومعطياته. فيكتسب من خلال طموحه لكي يكون علما، صفةَ "أيديولوجيا علمية". تشكل هذه الأيديولوجيا بطبيعتها عقبة أبستمولوجية، لكنها في الوقت ذاته تشكل، بما تطرحه من إشكالات وتحرض من نقد، دافعا أمام تأسيس العلم الجديد الذي يطرد هذه الأيديولوجيا، ويظهر ليس تماما في الموقع الذي أشارت إليه، بل بانزياح عنه. وبهذا تختفي هذه المفارقة، ولم تعد "الأيديولوجيا" نقيضا للعلم، بل ترافقه. ولهذا لا غنى للباحث الأبستمولوجي، حين يكتب تاريخ العلوم، من أن يضمّن تاريخه هذه الجوانب اللاعلمية التي ساهمت في نشوء العلم.إن هذا التمييز بين العلم والأيديولوجيا العلمية يفيد في تمييزها عن الأيديولوجيا السياسية كوعي زائف، وكذلك عن العلم الزائف الذي لا يعترف بالخطأ وبالتالي لا تاريخ له، وعن المعتقدات الباطلة أيضا، وأخيرا عن الأيديولوجيا التي يعتنقها رجال العلم كقناعات ذاتية.

حمّل المادة حمّل العدد كاملا الإشتراك لمدة سنة

ملخص

زيادة حجم الخط

أدخل جورج كانغيلم تعبير "الأيديولوجيا العلمية" في دروسه منذ نهاية الستينيات بعد أن أخذه عن لوي ألتوسير وميشيل فوكو. ويشير بداية إلى أن التعبير يبدو متناقضا، من باب أن الأيديولوجيا تحرف الانتباه عن الواقع وهي تزعم التعبير عنه، على العكس من العلم. ولرفع هذا التناقض، يعرّف كانغيلم "الأيديولوجيا العلمية" بأنها الخطاب الذي يسبق علمًا قيد التأسيس بالاستناد إلى علم قائم ومحاكاته في مناهجه ومعطياته. فيكتسب من خلال طموحه لكي يكون علما، صفةَ "أيديولوجيا علمية". تشكل هذه الأيديولوجيا بطبيعتها عقبة أبستمولوجية، لكنها في الوقت ذاته تشكل، بما تطرحه من إشكالات وتحرض من نقد، دافعا أمام تأسيس العلم الجديد الذي يطرد هذه الأيديولوجيا، ويظهر ليس تماما في الموقع الذي أشارت إليه، بل بانزياح عنه. وبهذا تختفي هذه المفارقة، ولم تعد "الأيديولوجيا" نقيضا للعلم، بل ترافقه. ولهذا لا غنى للباحث الأبستمولوجي، حين يكتب تاريخ العلوم، من أن يضمّن تاريخه هذه الجوانب اللاعلمية التي ساهمت في نشوء العلم.إن هذا التمييز بين العلم والأيديولوجيا العلمية يفيد في تمييزها عن الأيديولوجيا السياسية كوعي زائف، وكذلك عن العلم الزائف الذي لا يعترف بالخطأ وبالتالي لا تاريخ له، وعن المعتقدات الباطلة أيضا، وأخيرا عن الأيديولوجيا التي يعتنقها رجال العلم كقناعات ذاتية.

المراجع