كان المؤتمر السوري، على مدى دوراته الثلاث 1919 - 1920 ، ممثلاً سياسيًا ودستوريًا للسوريين في سورية الطبيعية. وعبّر في إطار هذا التمثيل عن التغيرات الاجتماعية-السياسية الجارية، فتشكلت في إطاره كتل أو أحزاب برلمانية تصنّف مدرسيًا بأنها داخلية المنشأ ، أي نشأت في إطار ديناميات البرلمان الداخلية، لكنها كانت مرتبطة أشد الارتباط بالحركات الاجتماعية-السياسية الفاعلة، التي هي بالتعريف «خارجية المنشأ ». وقد استوعب الدستور السوري الأول، كما صمّمه الآباء الدستوريون السوريون الكبار للحركة العربية الحديثة، هذه التغيرات، وعبّر بشكل نموذجي عن المفاهيم والأفكار القانونية الدستورية للحركة العربية، وشكّلت مداولات المؤتمر حول مواده الإشكالية، مثل العلاقة بين الدين والدولة، وقضية المرأة، والمواطنة والهوية، والعلاقة بين النمط القومي للدولة واللامركزية الإدارية..إلخ وثيقةً مبكرة واستباقية، عن بنية قضايا الخلاف اللاحقة التي ستظهر في الحياة الدستورية للدول العربية عمومًا، والحياة الدستورية السورية اللاحقة للجمعيات التأسيسية السورية، وتفكير النخب السياسية والاجتماعية فيها. وفي ذلك قد تتجاوز أهميته حدود الأهمية التاريخية الصرفة.