يصعب عزل الرواية الفلسطينية عن رحمها العربي إلا استجابةً لمتطلبات البحث العلمي. فلسطين حاضرة بقوة في الرواية العربية، شأنها شأن حضور الهموم والانشغالات العربية بقوة في الرواية الفلسطينية. ومع ذلك، فإنَّ ثمّة ضروبًا من التميّز تسم الرواية الفلسطينية، وأوّل ما يلفت الانتباه بينها هو حضور الذاكرة، بل استنهاضها، كفعل مقاوم، الأمر الذي يتجلى في انتشار ظاهرة الأعمال المتسلسلة التي تحكي التاريخ الفلسطيني على أجزاء، كما يتجلى في جَعْلِ المشهد الروائي الفلسطيني محلاً تنعكس فيه تحولات القضية الفلسطينية: الحديث عن السلام والتطبيع؛ العمالة داخل الخط الأخضر؛ قيام دولتين أو دولة بقوميتين؛ هجاء السلطة؛ الشتات الفلسطيني؛ سجون الاحتلال... ولقد عرف المشهد الروائي الفلسطيني في مرحلة ما بعد أوسلو انعطافات حادة هي جزء من الانعطاف الحاد في حياة الفلسطينيين الفكرية والسياسية والاجتماعية والأدبية بعد هذا الحادث، وهو ما طرح موضوعات جديدة تتناولها هذه الدراسة في عدد من الروايات، فضلًا عن تناول ما رافق ذلك من تجرّؤ على التقاليد الروائية المعهودة.