كيف للأدب أن يقارب المحنة؟ كيف للنقد أن يقارب مثل هذا الأدب؟ غالبًا ما تركّز مثل هذه المقاربة الأخيرة على المضمون، الأمر الذي تبرّره طبيعة الإنتاج الأدبي موضوع النقد، إذ يكشف المضمون عن وجهه في مثل هذا الإنتاج قبل أيّ مظهر من مظاهر الشكل. ذلك أنَّ من المميّزات الفارقة في كتابة المحنة أنًها تتّجه رأسًا إلى «الموضوعة الغالبة » وتعلن مباشرةً موقفها من الخطوب الواقعة على المجتمع ككل. وكيف للأدب في مثل هذه اللحظات أن يغضّ الطَّرْف عن راهنها المأساوي ليلتفت إلى بذخ الحكاية وأصالة التخييل؟هذا هو التساؤل الأساسي الذي تطرحه هذه الدراسة حول الأدب الجزائري في تسعينيات القرن المنصرم، لتجد أنّ ما يحكم النسيج الروائي لتلك الكتابة كلّها هو قابلية قراءتها من زاوية الرؤية الموضوعاتية. وما تتناوله، لذلك، من موضوعات محدّدة -كالمثقف وأزمة الإنتلجنسيا، وهمجية الإرهاب، وغربة المنفى وحياده، والعودة إلى بدايات المدّ الإسلاموي، لتجد أنّ الكتابة حين تضطر إلى الاختيار بين أن تكون محاكاة أو أن تكون تخييلاً، ربّما تكون المحاكاة ذلك الخيار الفني الذي ينمّ عن تصورٍ لوظيفة الكتابة وقضايا الجنس الأدبي أكثر مما يشي بقصور في التعامل مع مقوّمات الكتابة والتخييل.